الخلفية
غالبًا ما لا تكون النساء الشابات خلال فترة الحمل على دراية بأهمية الفحوصات الجينية، مثل فحص السائل الأمنيوسي، الشريحة الجينية (تشيب جيني)، وفحص الإكسوم. وذلك بسبب الاعتقاد الخاطئ بأن صغر سنهن وعدم وجود مشاكل طبية أو وراثية لديهن يجعل هذه الفحوصات غير ضرورية، بل وربما تعرض الحمل للخطر بسبب إجراء فحص السائل الأمنيوسي الذي يُعتبر تدخليًا.
لكن هذا الاعتقاد خاطئ، حيث أظهرت الدراسات الإحصائية أن في حالة واحدة من بين كل 117 حملًا طبيعيًا، يتم اكتشاف طفرة جينية قد تؤدي إلى مشكلة صحية خطيرة (!!)، والتي كان يمكن تجنبها لو تم إجراء فحص الشريحة الجينية.
ما هو فحص “الشريحة الجينية”؟
فحص الشريحة الجينية هو تحليل معمق يُجرى على عينة مأخوذة من السائل الأمنيوسي، تمامًا مثل فحص السائل الأمنيوسي التقليدي، لكنه يعتمد على تقنية متقدمة لفحص مئات الآلاف من المواقع في المادة الوراثية. يهدف الفحص إلى الكشف عن أي زيادة أو نقص في مقاطع من المادة الجينية، والتي قد تؤدي إلى إعاقة عقلية، التوحد، أو متلازمات وراثية خطيرة أخرى.
نتائج الأبحاث العلمية
في دراسات علمية موسعة، وُجد أن حتى في حالات الحمل “الطبيعية” دون تاريخ عائلي لأمراض وراثية، هناك احتمال لاكتشاف طفرات جينية، حتى عندما تكون نتائج فحوصات الموجات فوق الصوتية سليمة. في دراسة شملت 5,541 حملًا مع نتائج موجات فوق صوتية طبيعية، كشف فحص الشريحة الجينية عن 78 حالة ذات أهمية سريرية، مما يعني وجود خطر لمشاكل طبية خطيرة لا رجعة فيها للجنين!
مزايا فحص الشريحة الجينية مقارنة بفحص السائل الأمنيوسي التقليدي
في الفحص التقليدي للسائل الأمنيوسي، يتم فحص الكروموسومات تحت المجهر، مما يسمح بالكشف فقط عن الحالات التي يوجد فيها زيادة أو نقص كبير في المادة الكروموسومية.
أما فحص الشريحة الجينية، فيمكنه اكتشاف مئات المتلازمات، مثل التوحد والاضطرابات الإدراكية والوظيفية، والتي لا يمكن تشخيصها عبر الفحص التقليدي.
بالإضافة إلى ذلك، يتميز فحص الشريحة الجينية بدقة عالية، حيث أن دقته أعلى بمئة مرة من الفحص التقليدي، مما يسمح بتحديد المشكلات الوراثية بدقة متناهية.
ما هي الآثار المحتملة لنتائج فحص الشريحة الجينية؟
إذا كشف الفحص عن نقص أو زيادة في الكروموسومات مما يشير إلى خطر حدوث تشوهات كبيرة في الجنين، يمكن للوالدين اتخاذ القرار بشأن مواصلة الحمل مع إدراك المخاطر، أو إنهائه لتجنب ولادة طفل يعاني من إعاقات خطيرة.
ما هو فحص الإكسوم؟
فحص الإكسوم هو فحص أكثر شمولًا من فحص الشريحة الجينية، حيث يقارن بين مقاطع الحمض النووي المأخوذة من السائل الأمنيوسي مع تلك الخاصة بالوالدين. هذا التحليل يزيد بشكل كبير من فرص اكتشاف الأمراض الوراثية الخطيرة لدى الجنين.
المشكلة: نقص الوعي بأهمية الفحص
على الرغم من أهمية فحص الشريحة الجينية، حتى للنساء الشابات الأصحاء، إلا أن العديد من الأطباء لا يبلغون النساء الحوامل بوجود هذا الفحص أو بأهميته. من الجدير بالذكر أن هذا الفحص لا يُغطى عادةً من قبل التأمين الصحي إلا إذا أظهرت الفحوصات الروتينية شكوكًا حول صحة الجنين.
أظهرت دراسة موسعة أن خطر فقدان الحمل نتيجة فحص السائل الأمنيوسي هو 1 من بين 1,400 حالة، بينما احتمال اكتشاف مشكلة صحية خطيرة لدى الجنين هو 1 من بين 117 فحصًا، مما يشير إلى أن مخاوف بعض النساء من خطر الإجهاض بسبب فحص السائل الأمنيوسي ليست مبررة.
هل يُلزم القانون الأطباء بإبلاغ النساء عن هذه الفحوصات؟
وفقًا لعدة أحكام قضائية، فإن الطبيب الذي يُجري متابعة الحمل ملزم بإبلاغ المرأة الحامل بجميع الفحوصات الطبية المتاحة، سواء كانت ممولة من قبل التأمين الصحي أو متاحة بشكل خاص.
في حكم قضائي بارز صادر عن المحكمة العليا في قضية “X الهش” (ע”א 2124/12)، تقرر أن الطبيب الذي أجرى متابعة الحمل للمدعية كان ملزمًا بإبلاغها عن إمكانية إجراء فحص للكشف عن جين X الهش، حتى وإن لم يكن هذا الفحص موصى به من قبل وزارة الصحة وكان متاحًا فقط بشكل خاص.
النتائج القانونية
إذا وُلد طفل يعاني من إعاقة خطيرة كان يمكن اكتشافها من خلال فحص الشريحة الجينية أو فحص الإكسوم، يحق للوالدين تقديم دعوى إهمال طبي ضد الطبيب أو شركة التأمين الصحي، بسبب عدم إبلاغهم عن إمكانية إجراء الفحص، مما حرمهم من اتخاذ القرار المناسب بشأن الحمل.