في بعض الأحيان، عندما ينفصل الزوجان أو يتطلقان، توافق الأم على التنازل عن نفقة الأطفال من الأب مقابل الطلاق أو مصلحة أخرى، مثل الحصول على ممتلكات. لكن هل يعتبر هذا التنازل في إطار اتفاق بين الوالدين ملزمًا للأطفال؟ هذه قضية تنتمي إلى مجال قانون الأسرة والتي تناولتها المحكمة العليا مؤخرًا (الملف رقم 3984-15). في القضية المعنية، تنازلت الأم عن نفقة ابنتها ضمن اتفاق مع الأب مقابل أن يلتزم الأب بلقاءات مع ابنته. ومع ذلك، لم يلتزم الأب بهذا الاتفاق، وبعد فترة رفعت الابنة دعوى نفقة ضد والدها.
قرار المحكمة العليا:
قضت المحكمة العليا بأنه على الرغم من الاتفاق بين الوالدين، فإن للابنة الحق في المطالبة بنفقة من والدها، وأيّدت الحكم الصادر عن محكمة شؤون الأسرة الذي ألزم الأب بدفع نفقة شهرية قدرها 2,500 شيكل للابنة.
المحكمة العليا: “قضية إنسانية مؤلمة ومحزنة”
وصفت المحكمة العليا القضية بأنها “قضية إنسانية مؤلمة ومحزنة”. وفقًا للوقائع، لم يتزوج والدا الطفلة مطلقًا، وكان الأب الذي يعيش خارج البلاد ينكر أبوته للطفلة ويرفض دفع النفقة، على الرغم من صدور حكم قضائي ضده. وعندما بلغت الابنة 11 عامًا، وافق الأب على إجراء اختبار الحمض النووي الذي أثبت أبوته. ووقع الوالدان اتفاقًا ينص على أن يزور الأب إسرائيل مرتين في السنة للقاء ابنته، بينما تتنازل الأم عن المطالبة بالنفقة. ولكن لم يلتزم الأب بالاتفاق، مما دفع الابنة إلى رفع دعوى نفقة.
حق القاصر في المطالبة بالنفقة بشكل مستقل
أكدت المحكمة العليا مبدأً قانونيًا ينص على أن للقاصر الحق في رفع دعوى نفقة مستقلة، حتى إذا كان أحد الوالدين قد تنازل عنها في إطار اتفاق حصل على موافقة قضائية. السبب وراء ذلك هو القلق من أن مصلحة القاصر قد تضيع في النزاع بين الوالدين. وأوضحت المحكمة أن على القضاء دائمًا النظر في مصلحة القاصر وفحص ما إذا كان الاتفاق يخدم احتياجاته الفعلية.
العدالة وظروف الحالة
استندت المحكمة العليا في قرارها إلى مبدأ العدالة في قضايا نفقة الأطفال، مشيرة إلى أن أي تغيير في الظروف يجعل تنفيذ الحكم السابق غير عادل يتطلب تدخل القضاء. وأكدت أن رفض الأب الالتزام بالاتفاق يُعد تغييرًا جوهريًا في الظروف يستوجب السماح للابنة بالمطالبة بالنفقة بشكل مستقل. وأضافت المحكمة أن عدم تنفيذ الاتفاق جعل الابنة محرومة من أي حقوق، سواء النفقة أو العلاقة مع الأب، مما يبرر منحها الحق في المطالبة بالنفقة.
خلاصة:
يعكس حكم المحكمة العليا النهج السائد في المحاكم الإسرائيلية فيما يتعلق بنفقة الأطفال والقضايا المرتبطة بالقاصرين في قانون الأسرة. يعتمد هذا النهج على إعطاء أولوية قصوى لمصلحة القاصر، مع مرونة واسعة في التعامل مع الوقائع وظروف كل حالة.