أدلى رئيس الشاباك، رونين بار، بتصريح غير مسبوق خلال اجتماع أمني عُقد مساء أمس (الأحد)، وسط التوتر المتصاعد بينه وبين القيادة السياسية التي صادقت على إقالته، وخاصة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وأفاد بار، بحضور بعض الوزراء، بأنهم يتهمونه بالخيانة، ويهددون بسجنه، متسائلًا ما إذا كانوا لاحقًا سيتوعدون بإعدامه.
وخلال الاجتماع المغلق، الذي شهد مواجهة بين رئيس الشاباك ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، كان النقاش مخصصًا للتطورات في سوريا، حيث قال بار: “المناقشة حول سوريا ذات صلة بنا الآن”.
جاءت تصريحات بار بعد أن هاجمه بن غفير بشدة، مخاطبًا رئيس الوزراء نتنياهو بالقول: “إنه رئيس شاباك كاذب ومجرم يجب أن يُسجن. يتجسس على المستوى السياسي، يجمع معلومات وأدلة، ويحاول تنفيذ انقلاب”. وكان ذلك على خلفية تقرير نُشر بالأمس، أشار إلى أن الشاباك يجري تحقيقًا سريًا حول الشرطة، بسبب مزاعم بشأن تقويض النظام الديمقراطي، والاشتباه في تغلغل القهانية داخلها. ورغم نفي الشاباك وجود تحقيق رسمي، إلا أنه لم يستبعد فحص القضية.
واصل بن غفير هجومه على بار خلال اجتماع كتلته البرلمانية ظهر اليوم، زاعمًا أن رئيس الشاباك جمع معلومات ضد مفوض الشرطة، داني ليفي، قائلاً: “لم يسيطر أي عنصر قهاني على الشرطة الإسرائيلية أو مصلحة السجون، بل هم ضباط خدموا إسرائيل لسنوات طويلة. ما يحدث هنا هو أن رئيس جهاز استخباري خطط لمؤامرة واغتيال سياسي مستهدف. رونين بار لم يكن يريد أن أقوم بهذه التعيينات، لقد تصرف ضد إرادة الناخبين الذين اختاروني. لم يلاحقني وحدي، بل طارد كل ناخبيّ وأعضاء اليمين”.
وزعم بن غفير أن “بار اعترض على تعييناتنا وسعينا للتغيير، وتآمر ضد الدولة الديمقراطية. وبعد أن أُبلغ بوضوح بعدم وجود شيء، أمر بجمع أدلة مُجرّمة ضد مسؤول منتخب ووزير في الحكومة الإسرائيلية”. وأضاف: “هذا هو نفس رئيس الشاباك الذي بادر بتحقيق سياسي ضد رئيس الوزراء. إنه مجرم بكل معنى الكلمة، ويشكل خطرًا على الديمقراطية، ويجب أن يكون في السجن. في أي دولة سليمة، لكان الآن في زنزانة انفرادية بتهمة محاولة الانقلاب”. كما أعلن عزمه مطالبة نتنياهو بإنشاء لجنة تحقيق حكومية حول الأمر.
نُشر في تقرير للصحفي عميت سيغال وثيقة موقعة من رئيس الشاباك في نهاية سبتمبر الماضي، جاء فيها: “لقد حددنا انتشار القهانية داخل مؤسسات إنفاذ القانون كظاهرة خطيرة، ويُعد منعها جزءًا من مهمة الشاباك. ونظرًا لتورط مستويات سياسية، يجب التعامل مع الأمر بحذر شديد”. كما أمر بار موظفي الشاباك “بمواصلة جمع الأدلة والشهادات حول تدخل المستوى السياسي في عمل الأجهزة الأمنية، باتجاه استخدام القوة بشكل غير قانوني، وتقديم نتائج واضحة”.
نتنياهو، الذي تم إطلاعه على القضية من قبل بار، أقر بذلك صباح اليوم، لكنه نفى أنه تمت استشارته أو منح موافقته لجمع أدلة ضد القيادة السياسية دون علمه. وقال: “على العكس، خلال اجتماع عمل في 19 يونيو 2024، عندما أثار رئيس الشاباك مسألة دخول عناصر قهانية إلى الشرطة، وجهته بشكل قاطع إلى تقديم أدلة مباشرة على ذلك أمامي، وإثارة الأمر علنًا وفورًا مع وزير الأمن القومي، وعدم التصرف خلف ظهره بأي شكل من الأشكال. وقد تعهد رئيس الشاباك بذلك لكنه لم يفِ بتعهده”.
لذلك، اتهم نتنياهو بار بأنه قام بأفعال “تُذكّر بالأنظمة الديكتاتورية وتقوض أسس الديمقراطية”، وزعم أنه “يحاول إسقاط حكومة اليمين”.
القهانية هي أيديولوجية سياسية-دينية تستند إلى أفكار الحاخام مئير كهانا، وتدعو إلى قومية يهودية متطرفة، تهدف إلى إقامة دولة دينية في إسرائيل، مع الفصل الكامل بين اليهود والعرب، ورفض الزواج المختلط، والدعوة إلى ترحيل السكان العرب من إسرائيل. لهذا السبب، حُظرت حركة “كاخ” التي أسسها كهانا من الترشح للكنيست عام 1988، لكن أفكاره لا تزال تؤثر على بعض الدوائر في اليمين المتطرف.
في يوم الخميس الماضي، قررت الحكومة عزل رئيس الشاباك بار من منصبه، بعد أن أعلن نتنياهو فقدان ثقته به. ولم يحضر بار الاجتماع، لكنه أرسل رسالة شديدة اللهجة، يشرح فيها اعتراضاته على الإجراءات المتبعة، ووجه فيها انتقادات غير مباشرة لنتنياهو.
وفي يوم الجمعة، بعد ساعات من قرار الحكومة، أصدرت قاضية المحكمة العليا، جيلا كنفي-شتاينيتز، أمرًا مؤقتًا بتجميد إقالة بار حتى إشعار آخر. وبحسب القرار الصادر ليل الخميس-الجمعة، فإن بار سيترك منصبه في 10 أبريل، أو عند تعيين بديل له. وقد حددت المحكمة العليا جلسة للنظر في الالتماسات ضد إقالة بار في 8 أبريل، أي بعد حوالي أسبوعين ونصف. وستتألف هيئة القضاة من رئيس المحكمة العليا يتسحاق عميت، والقاضيين نوعام سولبرغ ودافنا باراك-إيرز.