المحامي نسيم ميروم، المدعي الجديد لمنطقة تل أبيب، وجّه انتقادات شديدة للمستوى السياسي خلال مشاركته في مؤتمر نقابة المحامين في إيلات، وقال: “في دولة يُقال فيها إن النيابة العامة أو الشرطة تفبرك ملفات، لا يمكن أن تكون هناك ثقة عامة في أجهزة إنفاذ القانون. مصطلح ‘فبركة ملف’ هو تعبير قبيح، ويجب ألّا يُقال في دولة ديمقراطية، ولا ينبغي أن يصدر عن سياسيين لأغراض شخصية”.
جاءت تصريحات ميروم في جلسة نقاش تناولت موضوع “ثقة الجمهور في الشرطة”، حيث أضاف: “الجمهور يتوقع تحسيناً حقيقياً في الخدمات التي تقدمها الشرطة والنيابة العامة، وهو محق في ذلك. لكن هل الشرطة فعّالة وكافية في تطبيق القانون؟ هناك الكثير من مظاهر الإجرام التي لا تجد استجابة كافية: جرائم القتل في المجتمع العربي، حوادث الطرق… أعلم أن هناك جهوداً كبيرة تُبذل، لكنها لم تؤتِ ثمارها بعد”.
رد على تصريحات بن غفير: “تصريح ديماغوجي”
عندما طُلب منه التعليق على تصريح الوزير إيتمار بن غفير الذي اتهم وحدة التحقيق مع الشرطة (ماحش) بأنها “شرطة سياسية بيد المستشارة القضائية للحكومة لتطبيق أجندتها”، قال المحامي ميروم: “هذا تصريح ديماغوجي. أكثر جهة مكشوفة للشمس هي شرطة إسرائيل. أرني قراراً واحداً اتُّخذ بدافع سياسي”.
نقص الموارد والكوادر
المحامي شادي سروجي، رئيس لواء حيفا في نقابة المحامين، أوضح أن تراجع ثقة الجمهور مرده أيضاً نقص خطير في عدد رجال الشرطة والمحققين والمدعين العامين: “متى كانت آخر مرة رأيتم فيها سيارة شرطة تتجول في الشوارع؟ في مدينة حيفا التي يسكنها نحو 400 ألف نسمة، هناك فقط سبع دوريات شرطة. الشرطيون يقولون لي إنهم يضطرون إلى الاختيار: ‘أي جثة نعالج أولاً؟’. وحتى عندما يُقدَّم لائحة اتهام في جريمة قتل، لا يوجد عدد كافٍ من المدعين العامين أو القضاة، لأن لجنة تعيين القضاة لا تنعقد. كما أن الناس لا يقبلون الانخراط في الشرطة لأن الظروف غير جذابة لأصحاب الشهادات. يجب تعزيز هذه الأجهزة بالموارد البشرية والمالية، وفصلها عن السياسة”.
الحرب ضد “الخاوة”
جلسة أخرى تناولت موضوع “الخاوة” وابتزاز الحماية، لا سيما في مناقصات الدولة، تحت عنوان “من سيحمي أصحاب الأعمال من دفع الخاوة؟” بإدارة عمير كورتس من صحيفة “كلكليست”.
المشاركون عرضوا صورة قاتمة تتعلق بالخوف، غياب الحماية الفعالة، وتآكل ثقة الجمهور. مع ذلك، تم استعراض أدوات إدارية وتشريعية جديدة تهدف إلى تقليص نشاط منظمات الجريمة، وفي مقدمتها استبعاد مقاولين من المناقصات على أساس معلومات استخباراتية، من خلال لجان بين وزارية بالتعاون مع وزارة المالية وشرطة إسرائيل.
العقيد المحامي تسيحي بن حمو، رئيس وحدة الجريمة المنظمة والدولية في وحدة لاهاف 433، أوضح أن “هذه الجرائم تعتمد على الكشف؛ الضحايا لا يطرقون الأبواب ولا يقولون: جئت أشتكي لأن أحدهم طلب مني خاوة. في كثير من الأحيان نعلم من معلومات استخباراتية، ونبدأ ببناء الثقة مع الضحية. وفي نهاية المطاف، عليه أن يمثل أمام المحكمة”.
شهادة صادمة عن تعاون محتمل داخل أجهزة إنفاذ القانون
المحامي كميل عطيلة، الرئيس السابق للوحدة الاقتصادية في النيابة العامة، قال: “الخاوة هي إحدى مظاهر الإجرام، ولم تقم أجهزة الدولة بما يكفي للتعامل معها. كل جهة ترمي المسؤولية على الأخرى. هذه الظواهر تخلق بيئة من الخوف، وعدم التبليغ، والشهادات المنتزعة بالقوة. الضحايا لا يبلغون لأنهم يعلمون: أولاً، لا توجد حماية فعالة؛ وثانياً – وأقولها بصراحة – بعض الضحايا يعلمون أنه حتى إذا بلغوا، هناك أشخاص داخل أجهزة إنفاذ القانون يتعاونون مع منظمات إجرامية، وقد يُسرَّب اسم الضحية إليهم”.
إضرار اقتصادي جسيم
المحامية كوكافيت نيتساح دوليف، المدعية العامة السابقة لمنطقة القدس – مدني، قالت: “دخول عناصر إجرامية إلى القطاع العام لا يسبب فقط أذى كبيراً للضحايا، بل يؤدي أيضاً إلى أضرار اقتصادية جسيمة. في السنوات الأخيرة، فُهم أنه يجب التصدي لذلك أيضاً بأدوات إدارية ومدنية. مقترح قانون جديد يمنح المحاسب العام صلاحية منح شهادة نزاهة أو سحبها من هيئات عامة بناءً على معلومات استخباراتية فقط، حتى من دون لائحة اتهام”.
هل آن الأوان للتغيير؟
جلسة جنائية أخرى ناقشت موضوع تدخل محاكم الاستئناف في نتائج الوقائع والمصداقية: “هل آن الأوان لتغيير القاعدة الراسخة؟”. من بين المشاركين: رئيس المحكمة المركزية في تل أبيب، القاضي جلعاد نويتل، والقاضية المتقاعدة هيلا جيرستل.
المحامية شلومتسيون غباي ماندلمان أشارت إلى الوضع الخاص في قضايا الجرائم الجنسية، حيث تطورت قواعد قضائية تتعلق بشهادات المشتكيات، مما يؤدي – حسب رأيها – إلى مساس بقدرة المتهم على الدفاع عن نفسه: “المنطقة الإثباتية الخاصة بضحايا الجرائم الجنسية كما تطورت في الاجتهاد القضائي، تضعف بشكل كبير قدرة الدفاع، إذ إن كل رد يُفسَّر كدليل إضافي على حدوث الجريمة – فما هو الرد الذي يمكن أن يدحضها؟”.
وتطرقت إلى قضية نادرة حُكم فيها على المتهم بالاغتصاب في المحكمة العليا بعد أن بُرّئ بالإجماع في المحكمة المركزية (قضية “حيب”). وقالت: “مدى تدخل محكمة الاستئناف في الوقائع والمصداقية بعد قرار تبرئة من المحكمة التي سمعت الشهادات مباشرةً، لا يمكن أن يستند فقط إلى المنظور الإثباتي الخاص. المحكمة العليا، في حكمها بقضية حيب، أعادت فحص الإدانة بخلاف القواعد المتبعة، وهذا له تبعات خطيرة”.