ما هي السلوكيات الإهمالية وفقًا للقانون الجنائي وكيف يمكن إثباتها؟
لإدانة شخص بارتكاب جريمة جنائية، يجب إثبات عنصرين، وفي بعض الحالات ثلاثة عناصر. الأول هو العنصر الواقعي. أي يجب على الادعاء إثبات أن جميع ما يُنسب للشخص قد تم فعلاً في الواقع. على سبيل المثال، إذا تم اتهام شخص بالتسبب في ضرر لشخص آخر، يجب إثبات أن الضرر قد حدث بالفعل وأنه نجم عن تصرفات المتهم. الثاني هو العنصر النفسي، الذي يُسمى في اللغة القانونية “الأساس النفسي”. هنا يجب إثبات أنه بالإضافة إلى الفعل الواقعي، كان المتهم على وعي طوال الوقت بأنه يرتكب جريمة، وفي حالة كانت الجريمة قد أدت إلى نتيجة معينة مثل الضرر أو الأذى، يجب إثبات أن المتهم كان يقصد أو على الأقل كان على علم بإمكانية حدوث النتيجة الناجمة عن ارتكاب الجريمة. العنصر الثالث هو “الرابط السببي”. هنا يجب إثبات أن النتيجة أو الضرر الذي لحق بالضحية قد نجم بالكامل عن الفعل الجرمي. على سبيل المثال، إذا صدم شخص بسيارته مشاة وكان هذا المشاة يعاني من مرض في القلب، مما أدى إلى إصابته بأزمة قلبية نتيجة للصدمة وأدى إلى وفاته، يجب أن نسأل إذا كانت الحادثة قد تسببت مباشرة في وفاة المشاة.
عند العودة إلى العنصر النفسي، أي الأساس النفسي، يجب على الادعاء في جميع الجرائم إثبات هذا العنصر على المستوى الشخصي. بمعنى آخر، يجب إثبات أن المتهم كان يقصد أو كان على علم بارتكاب الجريمة بناءً على سلوكه وليس بناءً على مقارنة مع المتهمين الآخرين أو الأشخاص في نفس الوضع. بعبارة أخرى، يجب على المحكمة أن تدخل في ذهن المتهم وتحديد ما كانت نواياه خلال ارتكاب الجريمة. كما هو واضح، فهذا أمر معقد ويتطلب مستوى عالٍ من الإثبات.
كيف يختلف الجرم الإهمالي عن الجرائم الأخرى؟
يختلف الجرم الإهمالي عن باقي الجرائم في الأساس النفسي المذكور أعلاه. في الجرائم “العادية”، يتعين إثبات الوعي والعناية الشخصية، بمعنى أنه يجب إثبات أن المتهم كان على علم وأراد ارتكاب الجريمة في كل لحظة. بينما في الجريمة الإهمالية، يتم فحص ما إذا كانت تصرفات المتهم كانت مشابهة لتصرفات أي شخص عاقل آخر. كما يمكن فهمه، هذا يتطلب مستوى إثبات أقل ويشكل أساسًا نفسيًا مختلفًا. فبالنسبة للجرائم التي تشمل الوفاة أو الإصابات الناتجة عن الإهمال، يتعين على المحكمة أن تقرر ما إذا كانت تصرفات المتهم كانت مشابهة لتصرفات شخص عاقل آخر. هنا لا توجد حاجة لإثبات الوعي الذاتي ولكن هناك حاجة لإثبات ذلك بطريقة موضوعية فقط.
كيف يؤثر الاختلاف في العقوبات؟
نظرًا لاختلاف مستوى الإثبات والأساس النفسي، فإن العقوبات في الجرائم التي أساسها الإهمال تكون أخف مقارنةً بالجرائم التي تتطلب إثبات أساس نفسي شخصي. على سبيل المثال، في جريمة التسبب في الوفاة بسبب الإهمال، قد يتعرض الشخص لعقوبة تصل إلى ثلاث سنوات سجن، بينما في جريمة قتل تتضمن الوعي أو النية، قد تتراوح العقوبة بين 12 عامًا إلى السجن المؤبد في حالة القتل العمد. مثال آخر هو جريمة التسبب في إصابة بالإهمال التي يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى عام، بينما قد تصل العقوبة في حالة التسبب في إصابة متعمدة إلى 20 عامًا.
خلاصة
نرى أن الاختلاف في مستوى الإثبات بين الجريمة الإهمالية وبقية الجرائم يؤدي إلى اختلاف العقوبات. ومع ذلك، على الرغم من أن الأساس النفسي مختلف، فإن الإجراءات القانونية الجنائية تنتهي عادةً بالحكم القضائي الذي يحدد ما إذا كان المتهم مذنبًا أم بريئًا. الجريمة الإهمالية قد تكون أقل خطورة ولكن يجب أن نتذكر أن الإجراءات الجنائية بحد ذاتها ليست عملية سهلة. فهي تشمل التحقيق مع الشهود وفحص الأدلة بشكل دقيق في محاولة لإقناع المحكمة ما إذا كان الفعل يمكن اعتباره إهمالًا. لكل قرار قضائي تأثير مباشر على حياتنا وعلى مستوى الحذر الذي يتطلبه كل موقف، وهو أمر يصبح ذا أهمية أكبر عندما يتعلق الأمر بحياة الإنسان.
من المهم أن تعرف
في العديد من الحالات، يتم التحقيق في الجرائم الإهمالية أولاً باعتبارها جرائم ذات نية ووعي. على سبيل المثال، يتم التحقيق في قضايا الوفاة بسبب الإهمال في البداية كجرائم قتل غير متعمد. لذا، من المهم استشارة محام جنائي أثناء التحقيقات، حيث أن ما يتم قوله أثناء التحقيق سيكون له تأثير كبير على طبيعة الاتهام في نهاية عملية جمع الأدلة.
المحامي نيسيم ليفي لديه خبرة واسعة في تمثيل المشتبه بهم والمتهمين في قضايا الإهمال، سواء في عمله في النيابة العامة أو في عمله كمحام دفاع.