في إحدى الليالي الباردة، دوّى صوت رصاصة في زقاق ضيق بإحدى القرى العربية داخل إسرائيل. لم يكن صوتًا غريبًا. الجيران لم يفتحوا النوافذ. الأطفال لم يبكوا. الجميع تعوّد. لكن تلك الرصاصة – هذه المرة – كانت في صدر سامي، شاب في العشرين من عمره، حلمه كان بسيطًا: أن يعيش.
سامي، الذي كتب على حائط غرفته “بدي أفتح دكان قهوة”، قُتل لأنه رفض دفع إتاوة لعصابة محلية. مات لأن القانون غائب، والسكوت قاتل.
ليست هذه قصة خيالية. سامي له وجوه كثيرة، ماتوا بنفس الطريقة. في الزوايا، بين الحارات، في الأعراس، على عتبات المدارس. لا فرق بين طالب جامعي وتاجر خضار. الرصاصة لا تسأل عن هوية، ولا عن طموح.
لماذا نموت بصمت؟
لأن الشرطة تعرف من يبيع السلاح، لكنها “لا تتدخل”.
لأن السياسيين مشغولون بالمقاعد، وليس بأكفان أولادنا.
لأن في كل حيّ زعيم عصابة، وفي كل بيت أم خائفة أن يُكتب اسم ابنها في منشور تعزية.
لأن السلاح أرخص من كتاب، والجريمة أسرع من القانون.
هل نحن ضحايا فقط؟ لا. نحن جزء من المشكلة أيضًا:
حين نُربي أبناءنا على أن الكلمة تُرد بالضرب.
حين نصمت عن الجريمة لأن المجرم “قريب العيلة”.
حين نعتبر أن الصراخ في البرلمان أهم من الصراخ في جنازاتنا.
لكن… لا يزال هناك ضوء
رغم هذا الظلام، هناك شباب يُصرّون على التغيير، أمهات يحوّلن حزنهن إلى طاقة، معلمون يقاومون الجهل بالعلم، وأئمة يدعون للسلام لا للثأر.
نحتاج إلى:
ثورة مجتمعية داخلية، لا تخجل من مواجهة الذات.
قيادة شجاعة تقف بوجه عصابات الجريمة كما تقف بوجه العنصرية.
شرطة فعالة ونزيهة لا تميز بين دم ودم.
مدارس تعلم الكرامة قبل الحساب، والرحمة قبل التاريخ.
إعلام نزيه يفضح القتلة، ولا يبرر لهم.
خاتمة: لمن نكتب؟
نكتب لسامي، ولمَن سيأتي بعده. نكتب لأم ما زالت تنام بقميص ابنها الملطخ بالدم. نكتب لنُبقي الأمل حيًا، ولنُوقظ أولئك الذين اعتادوا على صوت الرصاص كما اعتادوا على صوت الآذان.
إذا سكتنا، نكون شهود زور. وإذا تكلمنا، فقد نكون بداية الخلاص. #العنف_والجريمة #المجتمع_العربي_ينزف #إطلاق_نار #خاوا #قتل