بعد نحو ثمانية أشهر من تقديم لوائح اتهام في قضية مقتل حارس رئيس بلدية الطيبة، أمرت المحكمة المركزية في اللد بالإفراج عن أحد المتهمين ووضعه قيد الإقامة الجبرية بسوار إلكتروني.
في منتصف يوليو 2024، قدّمت النيابة العامة لائحة اتهام، عقب تحقيقات وحدة “يمار” المركزية، ضد مشتبهين اثنين وهما أبناء عمومة من الطيبة، بالإضافة إلى قاصر متهم بمساعدتهما في تنفيذ الجريمة التي أودت بحياة الحارس أدير غانم.
وُجّهت للبالغين تهم القتل العمد في ظروف مشددة، وحيازة سلاح وذخيرة، والسرقة في ظروف مشددة، والتآمر لارتكاب جريمة، وعرقلة سير العدالة. أما القاصر، فاتهم بجرائم قتل في ظروف مسؤولية مخففة، وحيازة سلاح وذخيرة، والسطو المسلح ضمن مجموعة، والتآمر لارتكاب جريمة، وعرقلة سير العدالة.
بحسب لائحة الاتهام، جهّز المتهمون مسدسًا، وقاموا بتغيير لوحة ترخيص السيارة، ووضعوا على باب السائق ملصقًا أحمر لشركة توصيل تعمل في المدينة، لتنفيذ الجريمة. وصلوا إلى منزل رئيس البلدية، حيث كان الحارس متواجدًا في كشك الحراسة. وعندما اقترب غانم من نافذة السائق، أطلق عبد النار عليه أربع مرات عبر فتحة النافذة.
رغم إصابته، حاول غانم الابتعاد، لكنه انهار وسقط سلاحه على الرصيف. عندها، زُعم أن احد المشتبهين أطلق عليه رصاصة أخرى. ورغم إصابته، زحف غانم نحو كشك الحراسة، ملوّحًا بيديه في محاولة يائسة لإنقاذ حياته، بينما بقي سلاحه ملقىً خلفه. وفق لائحة الاتهام، خرج عبد من السيارة وأخذ سلاح الحارس قبل أن يفرّ المتهمون، ويحاولوا طمس آثار الجريمة عبر إزالة الملصق وتغيير لوحة الترخيص وإخفاء المسدس. لاحقًا، فرّوا إلى مناطق السلطة الفلسطينية حيث تم العثور عليهم بعد أيام.
في حين تم تمديد اعتقال المتهمين البالغين حتى انتهاء الإجراءات، جرى التعامل مع القاصر بطريقة مختلفة. في بداية المحاكمة، وافق محاميه، أمير نيفون، على وجود “بريق دليل”، فتم تمديد اعتقاله حتى إشعار آخر. لاحقًا، قُبلت أدلة أولية ضده، وأحيل إلى خدمة الاختبار لإعداد تقرير حول حالته.
أوصت خدمة الاختبار بإبقائه في إطار علاجي مغلق، لكن بسبب عدم توفر أماكن، لم يُوصَ بالإفراج عنه. في ديسمبر 2024، قبلت المحكمة طلب الدفاع بإعداد تقرير إضافي لبحث بدائل أخرى. التقرير الإضافي لم يوصِ بالإفراج عنه بسبب خطورته، لكن اقترح أنه إذا رأت المحكمة إمكانية للإفراج مع المراقبة الإلكترونية، فيجب أن يكون بعيدًا عن الطيبة.
في أوائل 2025، وبعد مراجعة التقرير، أمرت المحكمة بتمديد اعتقال القاصر حتى انتهاء الإجراءات، مستندة إلى خطورة الجريمة والاحتمال العالي لعرقلة سير العدالة. رغم أنه كان يبلغ 17 عامًا ونصف وقت وقوع الجريمة، اعتُبر غياب البدائل سببًا لمواصلة احتجازه.
محاميه طعن بالقرار أمام المحكمة العليا، التي أمرت بإعداد تقرير إضافي لبحث إمكانية الإفراج عنه مع إبعاده جغرافيًا بشكل كبير. جاء في قرار العليا أن “خطورة الجريمة لا جدال فيها، لكن يجب مراعاة دوره المحدود فيها، إذ تم تضليله من قِبل المتهمين الآخرين، حيث زعموا أمامه أنهم ينوون فقط سرقة سلاح الحارس”.
التقرير الجديد أوصى بالإفراج عنه إلى الإقامة الجبرية في إيلات. بعد عدة أسابيع، عُقدت جلسة في المحكمة المركزية لمناقشة الشروط.
القاضي ماور أفين حن أقر بأن “الجرائم خطيرة وتشكل أساسًا للاعتقال بسبب الخطورة وعرقلة العدالة، لكن لا خلاف على أن القاصر لم يكن العنصر المهيمن في الجريمة، بل تم تضليله من قِبل المتهمين الآخرين”. بالنظر إلى قرار المحكمة العليا، أمر القاضي بالإفراج عنه، مبررًا قراره بأن القاصر لم يسبق له التورط في جرائم، وأنه لم يكن العقل المدبر للجريمة.
كما أشار إلى أن القاصر قضى بالفعل ثمانية أشهر في الاعتقال، رغم توصية خدمة الاختبار بالإفراج عنه إلى إطار علاجي مغلق، وهو ما لم يتحقق بسبب عدم توفر أماكن. وأكد أن بديل الإقامة الجبرية المقترح يبعده تمامًا عن بيئته، وأن السوار الإلكتروني سيكون رادعًا له. بناءً على ذلك، تقرر الإفراج عنه إلى الإقامة الجبرية في إيلات مع وضع سوار إلكتروني للمراقبة.