هل يمكن تقديم دعوى ضد تأمين السيارة الإجباري عن حادث نجم عن هجوم إطلاق نار؟ وماذا عن الانحراف عن الطريق بسبب صافرة الإنذار؟ الواقع الإسرائيلي يخلق أوضاعاً معقدة، وبعض هذه الأوضاع مستثناة في القانون ولا تسمح بتقديم دعوى ضد التأمين الإجباري. المحامي جيل كراوس، مستشار لأعضاء النقابة في مجال دعاوى الأضرار والتأمين الوطني، يسلط الضوء على هذا الموضوع المهم.

الحادث المروري الذي يحدث نتيجة مباشرة لعمل عدائي – مثل هجوم إرهابي أو عنف من قِبل قوات العدو – مستثنى بموجب قانون التعويضات لضحايا حوادث الطرق، ويصبح الضحية مشمولًا تحت تعريف “مصاب بعمل عدائي”. هذه ليست مجرد مسألة مصطلحات، بل تعني أن الضحية يستطيع من الآن فصاعدًا فقط تقديم دعوى ضد التأمين الوطني وليس التأمين الإجباري، وهذا له تبعات اقتصادية هامة.

عندما يتعرض سائق أو مشاة لإطلاق نار أو رشق حجارة على خلفية قومية، يكون الرابط واضحاً ومباشراً، ومن المحتمل جداً أن يُستثنى الضحية من قانون التعويضات. تبدأ المسألة بالتعقيد عندما يكون الربط بين الهجوم الإرهابي أو النزاع والحادث أقل وضوحاً، ويجب على المحكمة أن تحدد ما إذا كان هذا الربط كافياً. نستعرض بعض الأحكام القضائية المثيرة للاهتمام في السنوات الأخيرة، التي توضح كيفية تطبيق هذا المبدأ في حالات أكثر تعقيدًا.

الإنذار كعمل عدائي: خلال عملية “حارس الأسوار”، خرجت طفلة تبلغ من العمر تسع سنوات من دار الرعاية في طريقها إلى المنزل، وفجأة سمعت صافرة إنذار. شعرت الطفلة بالذعر وركضت باتجاه الشارع للعودة إلى دار الرعاية، فصدمتها سيارة كانت تمر، وأصيبت بجروح خطيرة. بالطبع، قدم والدا الطفلة دعوى تعويض ضد تأمين السيارة الإجباري للسائق الذي صدمها، ولكن شركة التأمين ادعت أنه يجب رفض الدعوى لأن الحادث نجم عن عمل عدائي، وبالتالي يجب أن يُستثنى من القانون.

قررت المحكمة أن صافرة الإنذار التي أطلقت كتحذير قبل إطلاق الصواريخ من قِبل عدو على إسرائيل تندرج ضمن تعريف “العمل العدائي”. في هذه الحالة، رأت المحكمة أن هناك رابطاً مباشراً بين العمل العدائي (أي الإنذار) وبين الحادث، حيث إن سماع الطفلة للإنذار هو الذي دفعها للركض فجأة إلى الشارع، مما أدى إلى صدم السيارة لها. في النهاية، رفضت المحكمة الدعوى ضد التأمين الإجباري، وقررت أن الطفلة، باعتبارها ضحية عمل عدائي، ليست مؤهلة للحصول على تعويض من التأمين الإجباري بموجب قانون التعويضات.

أعمال عدائية وحوادث – كل حالة على حدة: من خلال النظر في الأحكام القضائية في السنوات الأخيرة المتعلقة بحوادث الطرق والأضرار الناجمة عن أعمال عدائية “غير مباشرة”، نجد أنه لا توجد إجابة واضحة وشاملة. يتم فحص كل حالة بشكل منفرد لتحديد ما إذا كان هناك ارتباط مباشر بين وقوع الحادث والعمل العدائي أو إذا كان الربط غير مباشر.

على سبيل المثال، ناقشت المحكمة العليا حالة اصطدام بين سائق سيارة أجرة وسيارة إسعاف كانت في طريقها إلى موقع هجوم إرهابي. قدّم سائق سيارة الأجرة دعوى عن الأضرار التي لحقت بجسده، لكن شركة التأمين ادعت أن الحادث وقع نتيجة عمل عدائي لأن سيارة الإسعاف كانت في طريقها إلى موقع الهجوم، وبالتالي لا يحق لسائق سيارة الأجرة الحصول على تعويض. في النهاية، رفضت المحكمة هذا الادعاء، وقررت أن الرابط بين الهجوم والحادث كان غير مباشر وبعيداً، ولم يكن هناك علاقة سببية مباشرة.

توجد أيضاً حالات معاكسة. على سبيل المثال، ناقشت المحكمة قضية سائقة سمعت صافرة إنذار أثناء قيادتها بسبب إطلاق صواريخ، وخرجت من سيارتها، وأثناء خروجها سقطت على الطريق وأصيبت. قررت المحكمة أن هذه الحالة تعتبر إصابة نتيجة عمل عدائي، مما يحرم الضحية من إمكانية تقديم دعوى بموجب قانون التعويضات.

في النهاية، كل حادث يحدث أثناء نزاع أو هجوم إرهابي يجب فحصه بشكل منفرد.

منشور ذو صلة

اترك ردا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *